الاثنين، 27 مايو 2024

رفح

كان خياري أن أتظاهر بأن لا شئ يحدث، أنغمس في البقاء حياً قرب السطح حيث لا يحدث شئ إلا التكاثر والصياح والنفاق والشره، أعبئ عروقي بأكبر قدر ممكن من الدوبامين، وعقلي بالقدر المناسب من المشتتات. لأرتفع بعيداً عن كل ما يحدث على الأرض، يزداد الإرتفاع كلما انتشيت حتى آلامس الجدار السطحي الرقيق، أرى من خلاله ظلال الوحش الوجودي الرابض فوق صدر العالم، يلتهم كل العائمين قرب السطح، يلتهمم من الداخل دون أن يخدش جلودهم ويتركهم يتساقطون من شاهق بلا أي مقاومة، يرتطمون بالقاع لتتغذى عليهم كل مخلفاتهم في سرد عدمي لآخر مراحل التطور البشري. يتوقف بعدها الزمن الذي نعرفه، فتشتعل الثلوج  بين الممرات،  وتُصيب النيران الأطفال بالبرد، تُغرق الشمس الأرجاء في ظلام دامس ،  وتُعيد الرصاصات الموتى إلى الحياة، تسحبهم الجاذبية نحو السماء ، ويتشبث القمر بمداره حول المخيم. وأهالينا لا حول لهم ولا قوة، يقتلهم كل شئ، يقتلهم الليل والنهار، يقتلهم البرد والحر ، يقتلهم الفعل واللافعل، ويقتلنا الخواء والعدم.

السبت، 3 فبراير 2024

عشوائيات

كانت قطة المجاورة السكنية في دوريتها الليلية، تنبش الأحياء في ملل، تحك كتفها بجدار البيت الثالث، كما اعتادت، من أسفل حتى تمرر جذعها إلى حدود الطلاء المتساقط. حبات من الجير الأبيض تشكل حدودا لتآكل روح البناء العتيق. حي من أحياء المساكن الجديدة التي بنيت قبيل الحرب، مغمورٌ برائحة الهواء الرطب، عتيق حداثي كزجاجة براندي وضوضاء عشوائية خافته لا تنتهي. يتألق الظلام ليلا في حلة سوداء، تسانده عمارة المكان، فتأسر كل ضوء يمر بحانات الحي القديمه. مهجورة سوى من أشجار المدخل، زلقة، صلدة، لا يبدو عليها أثر للحياة ، يكاد يخفت لُبها المنقعوع بالماء، فيصير نقطة تنسحب حولها خطوط متعرجه تبدو كأوردةُ نتحت حتى الجفاف. يضطرب الهدوء لحظات لا تنتمي إلى زمن أو نمط يجعل من توقعها أمر مستحيلاً، لكن إحساساً قلقاً كان يضرب جنبات الروح عند كل ارتطام، تتهادى همهات لبشر تخلفوا عن اللحاق بالنائمين، في ذيول الليل، تنخر في حواف النوافذ الخشبية، تجعلها كأنها تنبض بالحياة.
***


السبت، 6 يناير 2024

قصف متواصل

إتخذت قرارا بأنني في أشد الحاجة إلى مواجهة مخاوفي. أفرغ كل محتويات أدراجي بشكل عشوائي ، أعيد ترتيب وأرشفة قطع متناثره من ذاكرتي الخاصة. لأصنع منها وحوشاً قد تنهش أجزاءً مني حينما أنتهي. لكني لن أتوقف 
... تستمر دقات الساعه في مضايقتي بلا توقف كأنها تلح علي أن أتروى، ان أعبث في الأركان عن حل أخر...

لكن خلايا مخي لم تعد قادرة على الاستيعاب. تصيغ مفردات بلا أحرف، وجملا صارخه بلا نوتات صوتيه، كل شئ تخلى عن وجوده فجأه وانزوى يحدق في أجساد صغيره ساكنه. عيونها شاخصة لا تنتمي إلى عالم الأحياء لكن لها القدرة على العبث بنهاياتي العصبية فتصيب أطرافي بشلل لحظي. وتغرق حدقتي في سكون ثلجي تطفو معه فوق طبقات دمعيه تنسكب خارجاً في آليه ولا يرمش لها جفن.

 تجاويف عيناي تنقبضان في عصبية راغبة في تحريك لا إرادي لأطرافي حتى تضربها في رفق وتدعك حول جفناي، لئلا يسفر التجمد عن عطب بصري مزمن. لكن شيئا لم يتحرك كأن كل خلية في جسدي أعلنت إستقلالها وأصبحت الجسد اللا مركزي الأول على قيد الحياة.
     طورت أيضاً حاله سمعية غير مسبوقة. تهتز فيها كل مجسات أذناي مع وقع أبسط تركيبات الجناس الناقص على الإطلاق

روح الروح 

 فتستجيب لها كل شعيرات جسدي الغير مرئيه ويتصلب جلدي فيفقد قدرته على التنفس. 

        نوبات بكاء عشوائيه تظهر كحلزونات هوائية ترتعش معها أوصالي  كأوراق الخريف، تتسارع حتى تتلاشى كأن شيئا لم يكن ، تختنق بعدها خلاياي في وفرة من الهواء على إثر إحتراق داخلي، تزيد حرارته قليلاً عن درجة انصهار نواة غير مخصبة لعنصر مشع، تليها إنفجارات صامته تتمزق تحت وطأتها كل الأغشية التى تجعل من مشاعري كياناَ  ماديا ملموساً لا يملك أي مهارات خاصه سوى قدرتة على التحطم.