الاثنين، 6 أكتوبر 2014

المُعَلّقْ


وَصيه : فلتستحضر صورتي ولتسمع مني

تباً , كنت أتوهم ! صنعت القيد من قهري, تمدد جسدي أسفل بساطير الخوف. الخوف المرضي أو كما يدعي المتنور (فوبيا). أخشى المرتفعات.وقفتي في القمم تتخلل جزيئاتي , تُحطم روابطها التساهميه أو أياً كانت, يصيبها الهواء المندفع بالغثيان.القئ يُحلق أسفل شعيرات وجهي المتراميه بلا تناسق. التصغير البؤري للأشياء, إخفاء حقيقتها يجعل من الأمر كذبة غير مُحتمله. طَنين الصمت يبقى الموسيقى التصويريه الأكثر رُعباً بإجماع فقهاء الموتى. الوحده في جمع المُنقادين. اللاهثون إرهاقاً من محاولات تسديد فتحات السور. يقولون الموت قابع خلفه !

ينبههم شعاع مُتسلل. يتركوا القيد ملسوعين بومضاته المتراقصه بين ذرات التراب الساكنه في ثنايا عُقَدِهم حول الأعناق. يتسابقون في رمي الجمرات حتى يصير النور صريعاً, مُمزق الأوتار على أطراف ساحتهم.


أصابني الضجر. رأيت الحقيقة التي رأها الجميع. القهر أشد السياط وزناً على قلوب الرجال, يَلفها في قسوة. يَهمس في أذان العقول الخفيفه. الموت ما تركنا ! يجلس معنا , يرفع الأحجار في أيادينا , يطعن خصلات النور , يقوي سلاسل الجحيم في رسغ القهر. القاتل لا يحاول التسلل, القاتل فينا. لكني تَركتهم !

نَفسُ عَميق ...
عينان مُغلقتان ..

هواء بارد يملأ صدري, إنتشاء المٌخَدّرين بأصنافهم القذرة المُعتاده. لم أعد في حاجه لجلستهم الضبابيه, وجدت نشوتي الخاصه في محاولات بائسه لطرد ملل الإنتظار القاتل. إنتظار النور بعد الهروب من فتحات السور. الأشعه الأولى القادمة من أسفل الحد الفاصل بين الأرض المٌظلمه والسماء المُتثائبه تداعب جسدي بأنفاسها المتلاحقه الهادئه. أتلصص من مُرتفع هائم في شغف. يقف وحيداً في العراء. الخجل البادي في محياه يجعل من بنيانه المعدني مادة دسمة للسخرية بين رمال الصحراء. قيمته لا تتعدي حفنه من الجنيهات المعدنيه لا تساوي قيمتها, يرميها أحدهم على جوانب الطريق المؤدي للعاصمه. لوحات ثمينه خطها كهنة التسويق و آكلي روح البساطه بمسخ الحداثة.

الرابع و العشرون من أيلول..
العام الرابع بعد القعد الأول..
الألفيه الثانية , 9:30AM

لم أرمي جُنيهات نُخب القَتّله الرأسماليين لكني الآن في قمة هرمهم الدعائي. مارسوا أنواعاً من السحر مُختلفة كلياً عن القرون الوسطى. الفارق أنهم كانوا الجن والكُهان. إحترفوا القتل بالأفكار. أتعجب كيف إنتصرت عليهم وإحتللت ما هو ملكاً لهم.

 THE INCEPTION IS EGYPTIAN

تترددت في أذُني بصوت شاب لم يعبر منتصف العشرينيات. إنهالت عليه سياط القهر المتعدده ( فقر , مرض , إحتياج , بطاله , .. )  لم تتركه إلا صريعا. كان مثقفاً وأنا أستمع لحديثه الهادئ بجواري.الحافله تسير. ألقى بنفسه, إرتطام عظامه بالأرض كان صامتاً , مخالفاً لقوانين الطبيعه, ما الجديد ؟ الحافلة تسير.
صوته يتردد.. عرفت المعنى بعد حين !

أتلذذ ببقايا الروح في إنتظار خيوط الضوء المنسوجه لتنسدل في رداء السماء, أراها للمرة الأخيرة !

أبالغ في مَدّ أذرعي باستقامه غير معهودة. الإنحناء و التقوس أبناء الفقر والجوع في علاقة شرعية بقوانين الحاكم. لوهلة شعرت بتناقص كُتلتي, جسدي يرتفع عن موضعه. يحاكي المُحلقات بلا أسراب. الغاديات خماصاً. تُقاتل يوماً غَيباً عن تصوراتها بالكلية, عضلاتها الضعيفة تقاتل وقد لا تعود. تنفض اليأس العالق بأجنحتها.

أتحسس الأنشوطه المُزينه لصدري,أتلمس العقدة المتوسطه لعنقي بأناملي وأخفض رأسي. أتقدم خطوتين للأمام, أًصبحت على حافة البُنيان المعدني. الأرض بعيدة. الرُهاب يعاود. المسافه ليست قريبة, أعلم الباقي.

الخطوة التاليه كانت في الفراغ إلى السقوط اللا حر.صوت إنفصال فقرات الرقبة سيطر على الواقفين في أبواب السمع. الهواء الدافع لجسدي لم يبق منه الا ملئ ملابسي.

أحسست بيد القيد تنتزع ظهري وتقطع رباطه الخفي. إنه التهتك في النخاع الشوكي كما قرأت تماماً. الدم توقف عن الصعود لرأسي في كمائن الضغط المادي على الرقاب.

الظلام يتسلل من جوانب المدى المحيط حتى الصمت التام.

لم تكن هناك مشكلة سوى أني فتحت عيناي مرة أخرى. الأمر لم يكن متوقعاً !

بلا تدخل المشهد يتكرر في آلية.
أظنها النهاية البائسه الغير متوقعه !
هل يمكن أن أموت كمداً على تهوري حينها أم أن الأموات لا يموتون ؟

******